الخميس، 20 سبتمبر 2012

فن الاتصال الفعال (9) .. كيف تعرض آراءك بشكل جذاب؟


الوسائل الرئيسية التي تقنع بها من تحاوره، حان الوقت المناسب، حيث تجد الشخص قد ارتفعت حماسته وطاقته، وصار يفكر بطريقة إيجابية، ويبحث عن حلول عملية؛ فهنا يمكنك أن تعرض عليه ما تريده أن يفعله. فمثلًا: إذا وصل الشخص لدرجة عالية من الإيجابية حتى قال لك: (نعم، أنا أريد بالفعل أن أتعلم مبادئ فن الاتصال الفعال)، فترد عليه: (أنا أعرف محاضرًا ممتازًا في أحد مراكز التنمية البشرية بجوارنا، فما رأيك نذهب معًا يوم الخميس المقبل؟). اضبط ساعتك: فتلك اللحظة المناسبة لا تحتمل تأخيرًا أو تأجيلًا، ففي الحالتين خسارة، فقد يتعجل بعض الأشخاص، ويسارع إلى تقديم العرض على الشخص، ولم تنضج الثمرة بعد؛ فيقطفها وهي غير ناضجة، مما قد يؤدي إلى عدم قبول الشخص للعرض، أو قبوله مع دافعية داخلية ضعيفة قد تؤدي إلى عدم استمراره في العمل. وعلى العكس، قد يتردد بعضنا، ويظل يؤخر العرض على الشخص حتى تذبل الثمرة أو يقطفها غيره؛ ولذا عليك باختيار التوقيت المناسب لذلك. في خندق واحد: بمعنى أن نعرض آراءنا وأفكارنا وما نريد في صورة المشاركة، فتكون جميع العروض التي ذكرت في الأمثلة على هيئة مشاركة: (نذهب معًا، نحضر معًا) وهكذا، حاول قدر إمكانك أن يكون عرضك على الشخص في صورة مشاركة في الفعل بينكما. إن هذا يؤكد معنى الاتفاق، ومعنى أنكما على جبهة واحدة، لا أنك في جبهة وهو في جبهة، وأنت تريد اجتذابه إلى جبهتك، إذا شعر الشخص بذلك؛ ستتولد مقاومة داخلية لديه، ولكن أَشعِر الشخص دائمًا أنكما على أرض واحدة، وأنكما تسيران معًا حتى تصلا إلى الهدف المتفق عليه. إن كنت من المحترفين: وإذا كنت أكثر احترافًا في الإقناع والتأثير على الأشخاص؛ فلن تقوم بالعرض على الشخص، بل من شدة قدرتك على بناء الاتفاق وإثارة الرغبة، ستنتظر حتى يعرض الشخص عليك الفعل، فيقول لك مثلًا: (ألست تحضر بعض المحاضرات في تنمية مهارات الاتصال مع الآخرين؟ هل من الممكن أن أذهب إليها معك؟). وحتى تصل إلى ذلك فأنت تتبع نفس الخطوات السابقة، إلا أنك قد تحتاج في ثنايا الكلام إلى رمي بذور الحل ليتوصل إليها الشخص، ثم يعرضها عليك، كأنه قد توصل إليها بمفرده. فمثلًا أثناء تحفيزك له على حضور تلك المحاضرات، تقول له في ثنايا الكلام: (وحضور هذه المحاضرات يزيد من حماستي كل أسبوع، كما أن المحاضر يعطي هدية كل مرة لأحسن شخص يتفاعل مع ما يطرحه من مادة علمية). كأن تقول لصاحبك في ثنايا الكلام: (وجزى الله هذا المحاضر خيرًا، هو السبب الرئيسي ـ بعد الله ـ في أن أتمكن من التواصل الفعال مع الآخرين، لقد أعطاني مجموعة من الوسائل العملية التي أعانتني كثيرًا، وكم من شباب ساعدهم في هذا الموضوع). على المرء أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح: فقد تبذل قصارى جهدك بخطوات صحيحة، ولا يقتنع الشخص في النهاية بما تقول، وإنما علينا مباشرة الأسباب، ولذا؛ إذا استنفدت كل الخطوات السابقة، ثم وجدت من الشخص الرفض وعدم القبول، أو التعلل بالأعذار، أو الهروب من الكلام وعدم العزم على العمل؛ فعليك بما يلي: 1. لا تشعل تلك النيران: إنها النيران التي تأكل جدار الثقة، وتأتي على الأخضر واليابس من المشاعر والأحاسيس، إنها نيران يحذر منها النبي r فيقول: (أنا زعيم بيت في ربض الجنة، لمن ترك المراء وإن كان محقًا) [رواه أبو داود وصححه الألباني]، ويسير إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله على الدرب النبوي الشريف فيقول: (المراء يقسي القلوب، ويورث الضغائن). ولذا؛ لا تجادله أو تراجعه في رأيه أو تضغط عليه؛ فالجدال في هذه اللحظة الحرجة هو أخطر شيء على الإطلاق؛ لأنه قد يهدم كل الذي بنيته، ويجعلك تخسر علاقتك مع الشخص. 2. انسحاب تكتيكي: فإن لم يستجب لك الشخص، فاحرص على الانسحاب قليلًا إلى الوراء، ثم أعد حل المشكلة بالخطوات التي تكلمنا عليها من قبل؛ وسوف تجد أن سبب المشكلة ـ إن شاء الله ـ لن يتعدى أن يكون خللًا في إحدى هذه الأشياء: · في الثقة المتبادلة بينكما: وأنه لم يكن قد وصل إلى الثقة الكاملة فيك بعد، وتحتاج هنا إلى تقوية العلاقة. · في الفهم العميق له ولقيمه: وبالتالي فوجئت بعائق لم يكن في حسابك منعه من العمل، وتحتاج هنا إلى فهمه بصورة أعمق، وإلى استغلال المعلومات الجديدة التي عرفتها لعلاج الموضوع. · في بناء الاتفاق: وأن هناك بعض القواعد لم يتم الاتفاق عليها، وبالتالي لم يقتنع الاقتناع الكامل. · في إثارة الرغبة: حيث لم ترتفع رغبته بعد، أو ذبلت بعد ما ارتفعت؛ مما أدى إلى خروج هذه الطاقة السلبية، وهنا تحتاج إلى إعادة إثارة الرغبة ورفع مستوى الحماس من جديد. كيف تدفع شخصًا لإنجاز هدف في سبعة أيام فقط؟ الهدف من هذا التدريب: دفع صديق لك إلى تحقيق هدف أو إنجاز فعل معين؛ فمثلًا إن أردت حثه إلى حضور محاضرة هامة في فن التواصل مع الآخرين. اليوم الأول: يوم التخطيط: حدد الهدف الذي تريد إنجازه مع الشخص ثم ضع خطة له على مدار بقية الأسبوع للوصول إلى هذا الهدف؛ لتكن الخطة مثلًا: 1. المرحلة الأولى: بناء الاتفاق (ثلاثة أيام: اليوم الثاني والثالث والرابع من الأسبوع)، وستكون أهم القواعد التي سنتفق عليها؛ كما يلي: · تعلم التواصل مع الآخرين ضرورة عصرية. · فن التواصل مع الآخرين يمكن لكل إنسان اكتسابها حتى لو كان انطوائيًا. · ضرورة وجود شخص يعلمنا قواعد التواصل الفعال مع الآخرين. 2. المرحلة الثانية: إثارة الرغبة (يومان: اليوم الخامس واليوم السادس من الأسبوع)، وفيها ستقوم بتحديد أهم الوسائل التي ستسخدمها لإثارة رغبته لحضور المحاضرة: أ‌. ذكر سعادتك بسماعك عن وجود تلك المحاضرة، وذكر قصص وتجارب شخصية عن فوائد ذلك. ب‌. ذكر فوائد حضور المحاضرة بالنسبة له، والربط بين هذه الفوائد وحاجاته الشخصية. ت‌. تسهيل الأمر عليه وتشجيعه. 3. المرحلة الثالثة: العرض (اليوم السادس أيضًا)، وتأتي في نهاية مرحلة الإثارة، فعندما تشعر أن الشخص قد تحمس للموضوع؛ تعرض عليه مباشرة حضور المحاضرة معك. 4. المرحلة الرابعة: تنفيذ العمل معه (اليوم السابع). اليوم الثاني: 1. تحضير الكلام الذي ستقوله له، وأهم الاستدلالات التي ستستدل بها للاتفاق معه، ويستحسن كتابة هذا الكلام لتحكمه. 2. الاتفاق على قاعدة: "تعلم فن التواصل مع الآخرين ضرورة عصرية". اليوم الثالث: 1. تحضير الكلام الذي ستقوله له، وأهم الاستدلالات التي ستستدل بها للاتفاق معه، ويستحسن كتابة هذا الكلام لتحكمه. 2. الاتفاق على قاعدة: "التواصل مع الآخرين يمكن لكل إنسان اكتسابها حتى لو كان انطوائيًا". اليوم الرابع: 1. تحضير الكلام الذي ستقوله له، وأهم الاستدلالات التي ستستدل بها للاتفاق معه، ويستحسن كتابة هذا الكلام لتحكمه. 2. الاتفاق على قاعدة: "ضرورة وجود شخص يعلمنا قواعد التواصل الفعال مع الآخرين". اليوم الخامس: 1. تحضير الكلام الذي ستقوله له، وأهم الوسائل التي ستسخدمها لإثارة رغبته، ويستحسن كتابة هذا الكلام لتحكمه. 2. ذكر سعادتك بسماعك عن وجود تلك المحاضرة، وذكر قصص وتجارب شخصية عن فوائد ذلك. اليوم السادس: 1. تحضير الكلام الذي ستقوله له، وأهم الوسائل التي ستستخدمها لإثارة رغبته، ويستحسن كتابة هذا الكلام لتحكمه. 2. ذكر فوائد حضور المحاضرة بالنسبة له، والربط بين هذه الفوائد وحاجاته الشخصية. 3. تسهيل الأمر عليه وتشجيعه. 4. بعد التأكد من استعداده النفسي لقبول العرض؛ تعرض عليه أن تذهبا معًا لحضور المحاضرة. اليوم السابع: تنفيذ الهدف معه. وختامًا تذكر دائمًا عليك أن تعرض آراءك بشكل مقنع وجذاب؛ حتى يؤثر في الآخرين، وإلى لقاء في مقال قادم نتحدث فيه عن مهارات الاتصال الفعال مع الآخرين. أهم المراجع: 1. سحر الاتصال، محمد أحمد العطار. 2. كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، ديل كارنيجي. 3. إحياء علوم الدين، الغزالي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق